الأربعاء، 12 نوفمبر 2008

المرشحة غنيمة ( 9 - محنة الغزو )

في صيف 1990 أتى خالد ( ست سنوات ) وأخته ساره ( أربع سنوات ) أولاد غنيمة إلى الكويت لزيارة جدتهم وأخذ دروس تقوية في اللغة العربية والدين .
حصل الغزو العراقي للكويت واحتارت أم غنيمة كيف تتصرف معهم وهي المرأة العليلة التي تحتاج لرعاية .... أولادها كلهم بالخارج يقضون إجازاتهم الصيفية مع زوجاتهم وعيالهم .
غنيمة وبوسالم أيضا بالخارج يصيفون في إحدى الدول الأوروبية .
الأمور تتأزم في الكويت ويبدو إنها ليست أزمة أيام قليلة فقط كما يتهيأ لهم .
الرعب يملأ قلب الصغيرين والجدة أم غنيمة لا تعرف كيف تتصرف !
بعد أسبوعين من الأزمة أتى من يطرق الباب على أم غنيمة وأحفادها ويطلب منهم مغادرة المنزل والانضمام إليهم في منزلهم .... إنه سالم الأخ الأكبر لخالد وساره من أبيهم ... أتى يبلغهم أن أمه علمت بحالهم فبعثته لهم ... أم غنيمة كانت بحاجة ماسة لهذه المساعدة لذا قبلتها شاكرة ... وكبرت أم سالم بعينيها .
الشدائد تبين معادن الناس الأصلية ...
استقبلت أم سالم أم غنيمة كأحسن ما يكون الاستقبال وقبلتها على رأسها ورجتها أن تعتبر البيت بيتها وهمست بأذنها : اللي فات مات وعذريني على اللي قلته لك عن بوسالم ترا ما هو صحيح !
ضمت أم سالم أولاد غنيمة لصدرها فهذه أول مرة تراهم وأفهمتهم أنها زوجة أبيهم وبمكانة أمهم وطلبت منهم أن ينادوها بيمة .... دمعت عيناها غصبا عنها وتذكرت أولادها الغائبين... ووجهت كلامها لأم غنيمة بحسرة : ما أدري شحوال فهد وسعد ... أكيد يحاتوني ويحاتون أخوهم سالم وأختهم نسمة ...ثم رفعت عينيها ويدها للسماء وقالت : يا رب تدز لهم من يرحمهم ويباريهم في هالمحنة مثل ما أنا أباري عيال زوجي .
طلبت أم سالم من ابنتها نسمة بأن ترعى أم زوجة أبيها وتعتبرها بمثابة جدتها . وقالت لها أمام أم غنيمة : بالأول كنت رافضة أبوك يتزوج غنيمة والحين بعد هالسنين أحمد الله إن شريكتي غنيمة ولا أحد غيرها بنت ناس معروفين ... يا الله من فضك أصل فصل وشايفة خير ومتربية... لما شفت غيري شنو خذوا عليهم رياييلهم قلت الحمدلله اللي ما حديت زوجي ياخذ علي أي وحده ...وحمدت ربي أكثر إن خطتي ما نجحت .
ضحكت أم سالم وأم غنيمة على الخطة القديمة اللي ما نجحت ( عندما شوهت سمعة زوجها عند أم غنيمة ) وقالت لها أم غنيمة بعد أن تصافت القلوب : هذا كله صار ذكريات الحين وشفتي إشلون اللي كان يضيق خلقنا ويكدرنا قبل صار الحين سالفة نسولف فيها ونضحك عليها ...
قامت نسمة بأخذ أم غنيمة وإخوانها الصغار لتريهم غرفهم وتساعدهم على ترتيب أغراضهم .
فهد وسعد يدرسون في إحدى الجامعات الأمريكية وعندما سمعوا بخبر الغزو اتصلوا بوالدهم وطلبوا منه الانضمام إليه والتطوع بالعمل في السفارة .
لم يمانع بوسالم طلب أولاده وفرح بشعورهم بالمسؤولية وأخبر غنيمة بقدوم أولاده... الحالة النفسية لغنيمة كانت سيئة للغاية وبالها مشغول على أمها وأولادها ... انزعجت في البداية من هذا الخبر ولم تجاهر به أمام زوجها لتجنب غضبه وبخاصة إن الوقت الذي يمرون به وقت عصيب وأعصاب بوسالم كانت مشدودة....بلعت ضيقها من قدوم فهد وسعد ...وصارت تتقصى الأخبار عن أحوال أهل الكويت وتسأل الخارجين من الكويت عن أحوالهم ... حتى جاءها من يؤكد لها أنهم جميعا برعاية أم سالم .... من بعدها تبدل ضيق غنيمة إلى عرفان لأم سالم وصارت ترعى سعد وفهد أكثر من رعايتها لبوسالم الذي لاحظ ذلك واشتعلت الغيرة بصدره وعلق : الحين حسيت بشعور الشرايك !
أما من أعماق قلبه فهو سعيد لمعاملة غنيمة لأولاده وصار يداريها أكثر ويخفف عليها فقدانها لأولادها ويشعرها بلهفته عليهم وهذا شعور لم تكن تحس في بداية الأزمة ... هكذا هم الرجال يستطيعون التحكم بمشاعرهم عند الأزمات ...!
زالت الغمة وتحررت الكويت والتم شمل الجميع في البحرين وكانت أول مواجهة بين أم سالم وغنيمة بعد الشراكة وأول موقف يجمع بوسالم مع زوجتيه وعياله جميعا .
تصافت قلوب الشرايك بسبب الرعاية الجيدة التى أبدتها كل واحده مع أولاد الأخرى واتفقوا على فتح صفحة جديدة كشرايك عاقلات بعيدا عن المهاترات المعهودة بين من يجمعهم زوج واحد !
قرر بوسالم بعد التحرير على شراء منزل لغنيمة وأولادها تمهيدا لعودته نهائيا للكويت بعد سنوات قليلة وانتهاء مدة خدمته .
نكمل في الحلقة القادمة ....

هناك 6 تعليقات:

daggero يقول...

Nikon 8

بهذاالمقطع شهادة بأن الناس للناس حتى الشرايك أيام الضيق

والصراحةهذه الجملة
"هكذا هم الرجال يستطيعون التحكم بمشاعرهم عند الأزمات ...!" لك عليها لأن اللى كنا نعتقد أنهم كبارنا فى العمر وهم الفاهمين طلعوا أخرطى وخوافين

والحمد لله على كل حال

ياريت تكتبين ولو مقطع عن تجربة غنيمة فى الغربة(غير الغزو) لأن أكيد لها دور كبير فى صقل شخصيتها وتنمية طموحها وتعرفها على صورة أخرى للحياة غير النمط التقليدى الكويتى

يمكن الطلب هذا شوى متأخر ولكن كونك كاتبتنا صاحبة القلم (الكيبورد) الرشيق فأن شاء الله ما يصعب عليك ذلك حتى لو كانت الأحداث قبل العودة المظفرة لبطلتنا الى الكويت

وشكرا على هالمجهود الطيب

Unknown يقول...

مشكوره nikon8 على القصه الاكثر من رائعه...
والله ذكرتينا بهذيج الايام ... الله لايعودها لنا ان شاء الله ... ناطرين البقيه

um.alzain يقول...

ماشاءالله قفزه بالاحداث ومعاها شعورنا من ذكريات الغزو الله لايعوده وترابط اهل الكويت وفرحت التحرير والنصر وشلون صفو القلوب ونسو الخلافات وغلبت عليهم فرحة اللقاء والعوده الي الوطن.

nikon 8 يقول...

daggero
شكرا على التعليق . المقصود بالتحكم بالمشاعر أن لهفة الأم على عيالهاوعاطفتها يكون فيها تعبير أكثر من تعبير الأب عنها أما بالنسبة لشعور الخوف فالخواف خواف ما فيه فرق بين مره ورجل .
أما عن تجربة غنيمة بالخارج فهذه موضوع الحلقة القادمة... كأنك تدري ؟

nikon 8 يقول...

كويتية بحرينية
خليك معانا ولا تتأخرين في التعليق مثل آخر مرة :)

nikon 8 يقول...

um alzain
مثل ما يقولون رب ضارة نافعة .
ومع ذلك الله لا يعودها من أيام .