مستوصفنا وجدتي

لا يمر أسبوعان إلا وتذهب أمي عزيزة إلى مستوصف المنطقة .... لتتعالج من أمراض شتى بعضها حقيقي وكثير منها وهمي :)

جميع من في المستوصف تعرفهم واحد واحد من الدكتور إلى الفراش ........ وطبعا معظم المراجعين ..!!
ما شاء الله عليها ..... لديها سوالف مناسبة للجميع ... فعندما تقف لأخذ الملف ورقم الدخول من الكاتبات تسألهم عن الموجود من الدكاترة .... من هو الدكتور الجديد ؟ ومن الذي انتقل ؟ ومن سافر . ومن داوم ؟...
وطبعا الكاتبات يردن عليها بطيب خاطر ... لمعزتها في قلوبهم .
لا تحصل أمي عزيزة على ملفها إلا وهى منتهية من معرفة ملفات حضور وانصراف الدكاترة وأخبارهم !
تتجه بعد ذلك لتجلس على الكرسي بعد أن تهلل باسم الله وتسلم على الجلوس .... وأول ما تستقر في كرسيها تسأل الجالس بجانبها كم رقمك ؟ أيا كان هذا الجالس ... خادم ... رجل مسن ... شاب ... امرأة ...
كم رقمك ؟.... جملة سحرية تفتح باب الأحاديث والتعارف في المستوصفات !.... ومن ثم سالفة تجر سالفة .... حتى ترتفع أصواتهم تماما مثل مسرحية باي باي لندن ( لا أحد يفتن علي إني قلت كذي ) ثم تهدأ إذا إنتبهوا لأنفسهم !

وإذا كانت السوالف مشوقة تتأفف من سرعة وصول الدور عليها وتقول لمن تكلمهم : يوم استانسا بالسوالف يه دوري بسرعة ! ....
ودائما تختم حديثها بـ .... ما تشوفون شر و تدعوهم لزيارة دار عزيزة ...
أما الشباب ( كما تطلق عليهم وهم بالحقيقة شياب ) فتتبادل معهم الهموم والذكريات ... مع ضحكات الخجل الخفيفة وتغطية جزء من وجهها بالعباءة !!!!
ولكم أن تتخيلوا سعادة الشباب والصبايا ( أقصد الشياب والعجائز مجازا ) بهذه الأحاديث العفوية :))

من فترة قريبة رافقت أمي عزيزة إلى المستوصف ... وأحببت طريقتها العفوية بالتحدث مع الناس مع إن بعضهم لا تعرفهم ... كلامها بمكانه وبدون لغو زايد ... وهذا بروحه فن !....
دخلنا على الدكتورة عفاف ، دكتورة مصرية وكبيرة في السن وتعزها جدتي كثيرا
أمي عزيزة : ياهلا بالدكتورة عفاف ... الحمد الله على السلامة ... والله طولتي بالغيبة ؟
دكتورة عفاف : الله يسلمك يا ماما ... فعلا الحمد لله .
أمي عزيزة : دعيتي لنا في العمرة ؟
دكتورة عفاف : عمرة إيه يا ماما .... ده أنا كنت بالعناية المركزة ... تعبت من قلبي وحطوني تحت الملاحظة .
أمي عزيزة وهي منصدمة من وقع الخبر علي مسامعها : عناية مركزة ! .. والله ما درينا ... سألت عنك الكاتبات وقالوا لي إنك بالعمرة ! لو ندري كان قمنا بالواجب !
دكتورة عفاف : طول عمرك صاحبة واجب يا ماما .... متشكرة أوي .
انتهينا من الكشف وأخذ النصائح العلاجية .
خرجنا باتجاه الصيدلية ...
أتت الصيدلانية السمراء الممتلئة باتجاهنا تبتسم لأمي عزيزة وهي تسلم
أمي عزيزة : ما شاء الله إش هالرشاقة ؟.... إي جذيه استمري بالريجيم
الصيدلانية : مشكورة يمه ... هذا كله من تشجيعك .
أمي عزيزة : خلك من ريوق هالدوامات وأكل المطاعم ما وراه غير تربي الشحوم ... وخلي يوعج حق وجبة أميمتك تراها أبرك لك !
الصيدلانية : صاجه يمه .
أمي عزيزة وهي تخفض من صوتها : أقول ؟ ما كنه زميلتكم حنان تحجبت ؟!
توطي الصيدلانية رأسها وتدخله بالشباك وتهمس لأمي عزيزة : إي نعم ، تحجبت بعد وفاة أبوها .
أمي عزيزة باندهاش : من متى ؟ وليش ما ندري ؟ هذا ثاني خبر اسمعه الحين خلال ربع ساعة وما أدري عنه !
انزعجت جدتي كثيرا من عدم علمها بما حدث للدكتورة والصيدلانية لتقوم بأداء الواجب لهم كما يجب .
ذهبت مباشرة إلي أمين المستوصف مسرعة وأنا خلفها....
استقبلها أمين المستوصف أحسن استقبال ....وسألها : آمري يمة ؟
أمي عزيزة : ما يامر عليك عدو ...أبي يا وليدي تسوون إعلانات عند مدخل باب المستوصف تعلمون فيه المراجعين أخبار اللي يشتغلون بالمستوصف وأنا أقصد الأخبار اللي تهمنا مثل زواج ... ولادة ... وفاة..... والله يا وليدي إني فشلت اليوم جدام الدكتورة والصيدلانية ... ما دريت عنهم !
أمين المستوصف : معذورة يمة ... راح أشوف الموضوع مع الوزارة ويصير خير إنشاء الله .
خرجنا وأمي عزيزة غير مقتنعة برد أمين المستوصف ... لأنها مثل ما تقول : إشدعوة يا حافظ ... كلها ورقة ... ما تبي تشاور الوزارة فيها !
في طريق العودة للمنزل سألتني أمي عزيزة : الكمبيوتر اللي تقرين فيه ليل نهار ما يعلمكم أخبار الناس في منطقتنا ؟ أشوف كل شي تدرون عنه عن طريق الكمبيوتر إلا هالشي !
رديت عليها : هذا بالذات محد يجيب له طاري !
وأنا بدوري أسألكم ما رأيكم بنقل هذا الاقتراح إلي مختار المنطقة أو الجمعية التعاونية لإنشاء مواقع إلكترونية لنشر الأخبار الاجتماعية للمنطقة ؟ تهقون الفكرة تستاهل ؟!

وإن صارت .... ولا تنسون إن حقوق الفكرة الفكرية لأمي عزيزة :)