هيا

تحديث 25 يوليو 2009 : التفاعل الحقيقي والصادق مع حكاية هيا التي تعيش بيننا وظهور أكثر من هيا صابرة على ما كتبه الله لها ومحتسبة أجرها عند الله بحسن تربيتها لأولادها وحياة كريمة توفرها لهم بقدر ما تسمح لها ظروفها وعدم إهمال نفسها بذات الوقت جعلني فعلا أحتار بكيفية الرد عليكم .... تأثرت فعلا بروردكم لدرجة ألجمت قلمي عن الرد وآثرت أن أنقل لكم رد هيا بنفسها .

هيا : شكرا لكل ما تفاعل مع قصتي ... أطمنكم أنني بخير وقوية بمساندتكم لي .... حرصت أن أنقل لكم تجربتي لأني أحببت أن أشارك بها غيري من بنات حواء .... عزيزاتي وأعزائي تجاوزت مرحلة الحزن والشفقة على حالي وأحمد ربي أنني أستطعت تجاوزها بفترة قصيرة نسبيا مقارنة بغيري ونجحت بإحتواء نفسي وعائلتي الصغيرة قبل أن يدمرنا الحزن ..... نعم لست كاملة وقد تكون بي عيوب كم ذكر البعض بتعليقاته لكنها لم ولن تكن أبدا على حساب بيتي وحياتي الزوجية ... وأولادي أغلى إستثمار بحياتي .... ولن تكن على حساب نفسي .... ملاحظاتكم نبهتني بضرورة الحياة الإجتماعية التي هجرتها زمنا بسبب عدم إقتناعي بها .... وهجرتها زمنا آخر لهروبي من كلامي الناس وخوفي منه أيام وقوع مشكلتي .

لا أزعم أن حياة أولادي الآن مثالية .... رغم تعلقهم بي وعدم ذكر أباهم لا زالوا أحيانا يفتقدون أباهم ويشعرون بداخلهم أنهم أسرة تختلف عن غيرها وبخاصة بأيام الأعياد والمناسبات التي تتطلب وجود العائلة كاملة !

الله يعطيني الصبر والقوة لأربيهم كما أريد وتقر عيني بشوفتهم ناجحين بحياتهم .... ويحنن قلب أبوهم عليهم ويحسسه أن له أبناء هجرهم طوعا بلا تفسير وأختار أبناء غيره ليربيهم !!!

أتساءل أحيانا : هل أبوتك لغيرك ستعوضك أبوتك الحقيقية ؟

الأيام ستجيب على سؤالي .... وإن الله عطانا عمر راح تعرفون بإذن الله .

ولا أقول غير قدر الله وما شاء فعل واللهم لا إعتراض .

شكرا مرة أخرى

نظمت بعضا من فتيات دار عزيزة حفلا بسيطا للناجحين والناجحات مع أمهاتهم في سرداب دار عزيزة
الحفل كان مقتصرا على الأهل والمعارف والجيران
أسبوع كامل وهن ينظمن للإحتفال وينسقن المكان لإستقبال الضيوف
شاركت بالحضور وجلست بجانب قريبتي هيا .... فرحت لوجودها .... فحضورها للمناسبات الإجتماعية شيء نادر
هيا أكبر سنا مني بقليل ... تزوجت خلال الدراسة الجامعية ورافقت زوجها الذي كان يدرس دراسات عليا بالخارج وأكملت تعليمها معه
إستثمرت وجودها بالخارج وإنخرطت في العديد من الدورات هناك ... تثقف وتسلي نفسها خلال وجود زوحها بالجامعة بعيدا عنها لساعات طويلة ...
أمضت خمس سنوات بالخارج أنجبت خلالها ثلاثة أطفال ولدين وبنت
ورجعت لنا إنسانة أخرى غير التي نعرفها
كنا نعرفها كفتاة خجولة .... قليلة الكلام .... تدرس أكثر مما تخالط الناس ... مطيعة جدا..... ولا أذكر إنها تملك أية مهارات شخصية تميزها عنا نحن البنات !
رجعت هيا بعد سنوات إمرأة واثقة من نفسها من غير غرور .....حلوة الحديث ...... متفتحة و لبقة ... تتقن فنون الإيتيكيت ... تعشق الفن والرسم وتصاميم الديكور .... تجيد الطبخ .... ولها نظرة خاصة بتربية الأبناء .... وأغرب ما فيها إنها تتكلم بلغة لم أفهما في ذاك الوقت .... عرفت لاحقا إنها البرمجة اللغوية العصبية والإهتمام بالذات .
حياتها بعد رجوعها للكويت كانت حكرا... لزوجها الدكتور .... ولبيتها .... وأبنائها ... ولبيت أهلها .... وعملها .
كنت أستغرب إنكبابها بصورة مستمرة على رعاية شئون بيتها وتوفير الجو المناسب لنجاح زوجها في عمله وتدريس أبنائها والإهتمام بتفاصيل أمورهم اليومية أكثر من حرصها على حضور المناسبات الإجتماعية المختلفة وبالذات اللي ما لها سالفة من وجهة نظرها مثل ريوق بالكافيه الفلاني وعصرونية بالكافيه العلاني .... أو إستكشاف المجمعات الجديدة .
بيني وبين نفسي كنت أراها عملية زيادة عن اللزوم ومع ذلك فيها شيء يعجبني ويجذبني لها ولا أعلم ما هو ؟
تعلمت منها أن أحرص على إشراك أبنائي بدورات تعليم المهارت اليدوية من فنون وطبخ وميكانيكا وإلكترونيات ونوادي رياضية .... كانت موسوعة في هذا المجال ..... في العطلات كانت تمضي يومها في توصيل أبناءها ومرافقتهم لدوراتهم وأماكن تسليتهم .
أما وقتها الخاص فكانت تصرفه على الإهتمام بشكلها وتناسق قوامها ومزاولة هواياتها الفنية والقراءة المفيدة والإنترنت .
دائما كانت تقول لنا أن الوقت فيه بركة فقط علينا أن لا نجامل بكيفية الإستفادة منه !
دارت تلك الذكريات في رأسي ونحن نتابع فقرات الحفل ومرور طابور الناجحين والناجحات وتسليمهم الهدايا
بعدها جاءت فقرة المقابلات الشخصية والسؤال المعتاد ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟
إجابات الأبناء فيها الطريف وفيها الذي لا يحمل أي طموح وفيها الذكي
وعندما حان دور وليد آخر عنقود أبناء هيا ذو السبع سنوات رد :
أبي أشتري سيارة سباق حمرا وأسافر بروحي بعيد وأخلي عيالي مع أمهم ولا أسأل عنهم مثل أبوي !
ساد الصمت المريب من صدمة الإجابة
آخر ما كنا نتوقع سماعة عن إنسانة نحسدها على حياتها !!!
أرادت عريفة الحفل لملمة الموقف بسرعة فقالت :
وليد خياله واسع هههههههههههه ( تضحك ) بس يا وليد لا تنسى حبيبي إنك إذا رحت بعيد وخليت عيالك منو راح يقولك يوبا ؟
وليد بثقة وبراءة وهو ينظر لها لأعلى : عادي أتزوج وحدة عندها عيال مثل أبوي أونسهم ويقولون لي يوبا !
توتر الجو .... همهمة .... عيون تلتفت لهيا .... وعيون تسترق النظر لها من تحت لتحت
الموقف لا تستحمل ترقع أكثر من ذلك
آثرت عريفة الحفل أن تنهي هذه الفقرة تنتقل لفقرة الرقص وأغاني الدي جي
ساد جو الأغاني .... كل أم مشغولة بمراقبة رقص أولادها
أما هيا فظلت هادئة متماسكة ..... غير مبالية بالنظرات المتسائلة وإبتسامة خفيفة على وجهها .... فتحت ذراعيها لولدها وجاءها يجرى مبسوط على إجابته العفوية وهو يقول : جاوبت صح ؟
إكتفت بتقبيل رأسه بكل حنان ولم تتكلم
إنتهت الفقرة
وتوجهنا بعدها جميعا للبوفية
إبتسمت لي من بعيد ...... وجاءت بصحنها وجلست بجانبي
فيني عيب قوي وهو أنني لا أستطيع التحكم بمشاعري .... وإن سكت عيوني تفضحني .... وتكاد علامات الإستفهام ترسم فيها !
ضحكت وهي ترى تعابير وجهي .... نظرات بلاغة شف على وجه متأثر ؟ ! لكم أن تتخيلوا !
بادرتني بالحديث بعد أن جلست :
لا تتأثرين .... هذا موقف وعديته من زمان
حياتي بالغربة علمتني إن عمري ما لازم يوقف لأي صدمة وذاتي أغلى ما عندي
هديت اللي بصحني وإنصرفت أستمع لها بكل حواسي
أكملت حديثها :
ما أكذب عليج إني تأثرت بالبداية وتحسفت على اللي سويته معاه وعلى سنوات الغربة بعيد عن أهلي وبلدي .... وتقوقعت على روحي ..... ولكن بعد ما هديت فكرت وقلت أزيد خسارتي خسارات ؟ أو أكتفي بخسارة زوجي وأكسب عيالي ونفسي وصحتي ؟
قررت إني أكتفي بخسارة واحدة وهي زوجي
رتبت أولوياتي .... وشغلت وقتي .... وإستثمرت طاقتي بتربية عيالي عسى الله يصلحهم ويجازيني بخيرهم
والحمدالله حياتنا سارت على خير ما يرام .... وبالعكس صرت الحين أرى الجانب الإيجابي من اللي صار لي وأقول غربتي مع زوجي فتحت لي حياة أخرى تعلمت منها الكثير وأخرجت من داخلى فتاة أخرى أنا فخورة بها الآن .
وطبعا كل هذا لا يقارن جدام العيال الحلوين .... الحنونين .... اللي الله رزقني فيهم من زوجي
تسكت لحظة
تتغير ملامح وجهها فجأة إلى تأثر وتقول بعد زفرة قوية :
ما في شي يزعجني غير فقدان العيال لأبوهم كل ما كبروا أكثر..... ما أدري إشلون أفسر لهم إن أبوكم هدكم وراح يربي عيال غيركم ؟
اليوم أول مرة أعرف إحساس وليد من بعد آخر زيارة له لأبوه .... كان دائما صامت
بالنسبة لي ما في أي تفسير يبرر تصرف أبوهم .... وأبوهم ما عطاني أي تبرير
كل كلمة مني محسوبة علي لما أكبر ويكبرون ويتقربون بنفسهم من أبوهم
ما أبي أقول كلمة يلوموني عليها لي كبروا ويقولون لي كرهتينا بأبونا
ومهما سويت لهم ومهما سوى فيهم يظل هو أبوهم وما يرضون عليه !