الخميس، 2 أكتوبر 2008

العيد ... لمة

الساعة السابعة صباحا في أول يوم لعيد الفطر جلست جدتي الغالية أمي عزيزة بمكانها المعتاد مقابلة الواجهة الزجاجية العريضة لترى الداخل عليها والخارج من منزلها . قبلت رأسها وأنا أشم بحب رائحة الحنة بشعرها مختلطة برائحة طيبها الخاص الغالب عليه رائحة العود .






آمنه : عيدك مبارك يمه ، ريحة البخور واصله للسكة .





أمي عزيزة :عساك من عايده آمنه ، صبي لي حليب وطاوليني قرص عقيلي ، والله إني ولهانه على الريوق ، وهاك العيادي وعلى العاده عزليهم بأظرف كل عايلة بروح ولا تنسين اليهال اللي توهم مولودين ، وحتي اللي ببطن أمه حسبيه .




ناولتني ربطة من فئة الخمس نانير، وحسيت بألم وغصة بداخلي وسألتها : يمة ، قبل كنتي توزعين أنواط العشر دنانير واللي نحصله من عيادي من هالبيت بس كان يعادل اللي نحصله من ثلاث أعياد من غير بيتكم ، والحين أشوف العشرة نقصت وصارت خمسة شالسبب ؟




أمي عزيزة : يا بنتي دوام الحال من المحال ، ويوم كان جدك الله يرحمه عايش كان إمبراطور مواد البناء والأخشاب وكان الخير اللي عنده يغطي عين الشمس وكان مرهي علي ومدللني والناس تضرب المثل بغلاتي عنده ، وكنت أقعد بيوم العيد علي يمينه وربطة العشر دنانير داخل جنطتي أسحب منها للكل مثل بعض ويزعل علي إذا عطيت عيالنا أكثر من عيال غيرنا ودايما يكرر علي لا تحسسين اليهال بالتفرقة ترى هالذكرى راح تكون محفوره براسهم ما تنمحي ، لأنه هو بنفسه صار له هالشي لما كان صغير وفقير .


عساك الجنة يا بومبارك جبنا طاريك بيوم العيد . تأثرت أمي عزيزة علي ذكرى زوجها وتابعت : غياب راعي البيت ما هو سهل يا بنيتي ، ومهما العيال كلهم سوا لي ما يعادل اللي كان يسويه أهو بروحه . والحمدلله اللي رزقني منه هالعيال البارين والحنونين ، كل واحد منهم أشوف فيه خصله من أبوه ، وألف رحمة عليك يا بو مبارك .
حسيت بالذنب إني هيجت ذكريات زوجها الراحل وحبيت أفرفش الجو .



آمنه : يمه ماشاء الله عليكم متي مداكم تسوون ريوق وحلويات العيد ، السنه الناس كلها مرتبكه ويقولون إن العيد جاء فجأة .






أمي عزيزة : ليش فجأة ، من أول يوم ندري إنه بصير العيد بعد 29 يوم أو 30 .عاد تصدقين يا آمنه لو معيدينا هالسنه بعد 27 يوم تلاقيني هم زاهبه .


ضحكنا قليلا فأنا أعرف إن أمي عزيزة قلبها حارعلي كل شي فما بالك لرمضان والعيد وهم بالنسبة لها أعز ضيفين وتستعد لهم طوال العام .




لحظات وتدفق الجميع نحو دار عزيزة . الرجال كانوا السباقين بالمجيء للمعايده بعد خروجهم من صلاة العيد وقبل ذهابهم للديوان لإستقبال المهنئين .





الجو العائلي الحميم في الساعات الأولي للعيد له فرحه خاصه فجميعنا أهل ، أخوال وخالات وزوجات خوال وأنسباء وأحفاد بملابس العيد ونتبادل العيادي ونتلذذ بتذوق الدرابيل والبلاليط الحلو بالبيض والسمسمية وشرب الحليب والشاي والقهوة العربية .






بعد الساعة التاسعة أقبل الأهل والمعارف والجيران للتهنئة والجميع تدعوهم أمي عزيزة للبقاء وتناول الغداء معنا فالعيد في دار عزيزة يوم كامل يشمل الفطور والغداء والعشاء .






أمي عزيزة : ما في طلعة من البيت ، الغدا عندي .






الضيوف : بنروح نعايد ، والله من غلاتك إنتي أول بيت ندخله .






أمي عزيزة : روحوا عايدوا ورجعوا ، تو الناس علي الغدا .






آمنه : أنا بعد يمه أبي أستأذن بروح أعايد علي أهل أبوي .






أمي عزيزة : الله يحفظك وسلمي عليهم .





بعد رجوعي لدار عزيزة قبل موعد الغداء وجدت صديقات أمي عزيزة بكامل عددهن وكشختهن بأثواب التور الكويتية السوداء فوق ملابسهن وحنة يدهن وأظافرهن وديرم شفايفهن وكحل عيونهن كأبهى ما تكون المرأة الكويتية . وبعد سلامي عليهن جلست أمامهن وإبتسمت من قلبي وأنا أراهن فالأرامل جميعا جلسن بجانب بعض علي كنبة واحده وكن خمس وأما الزوجات فجلسن أيضا بجانب بعض علي كنبه أخري . لا أظن إن هذا كان متعمدا ولكن هكذا حصل !




بادرتني قريبتي دلال الجالسة بجانبي قائلة : تصدقين إني أحرص أنا وزوجي لإحضار أبنائنا الصغار لداركم والبقاء قدر المستطاع لأني أريدهم أن يتعرفوا علي أهلهم ويلعبون مع باقي الصغار ويتصورون معاهم وتكون لهم ذكريات حلوة لما يكبرون . سكتت ثم تابعت : زوجي لما عزم علي الزواج رشحوا له بنت ورفض يشوفها لأنه يذكر إنها كانت تلحق الأولاد في دار عزيزة وتضربهم بدون سبب فرفض فكرة إنه يتزوج وحده كانت ضاربته قبل كم سنه ، وبعدين ذكرهم فيني لأنه يذكر إني عاقل ومتفوقة بالدراسة ، والحمدلله صار النصيب .




قطع كلامها إبنها ذو الأربع سنوات وهو يسلمها نقود من فئة الدينار : يمه خشيهم عندك .




الأم : من عطاك إياهم ؟ قلت لهم شكرا ؟




الطفل وهو يهز رأسه بالموافقه وينظر صوب جدتي وصديقاتها : الفريق الأسود عطاني العيدية . ضحكنا علي الجواب العفوي للطفل وأنا أضمه لصدري .


الفريق الأسود هو الخير والبركه ، وعامرة يا دار بإذن الله بأحبابك وشكرا لك يا أمي عزيزة على منعك الجميع من السفر أو الإبتعاد عن لمة العيد بحجة الشاليه أو المزرعة أو الجاخور ولا أنسى كلماتك للكل : حلاة العيد لمة عايدوا أول يوم وبعدين مسموحين روحوا وين ما تبون ، الله يحفظكم .


من بعد عينك يا أمي العزيزة وعين فريقك الأسود هل سنستطيع المحافظة على نهجك ؟


نتمنى ذلك طالما النية موجوده .























هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

عيدكم مبارك

وكل عام وانتم بخير

nikon 8 يقول...

عسانا وياكم من عواده.